العمارة
حسن فتحي
حسن فتحي
حسن فتحي... شيخ المعماريين العرب
هو رائد العمارة العربية المعاصرة الأول، و من أصدق الذين دعوا إلى عمارة محلية ترتبط ببيئتها و تراثها، ليس على المستوى العربي فحسب، و إنما على المستوى العالمي أيضا. ولد حسن فتحي في الإسكندرية عام 1901، و أنهى دراسة الهندسة في جامعة القاهرة عام 1923، كما حاز على الدبلوم في العمارة و الفنون من جامعة باريس عام 1927. لم يؤخذ حسن فتحي ببريق الطراز العالمي للعمارة الحديثة الذي عاصر بزوغه و تبلوره، و الذي غزا شتى أصقاع المعمورة، و إنما نذر نفسه لفكرة إعادة إعمار الريف المصري من خلال رؤية فلسفية و عمارة تقوم على احترام المعطيات البيئية و الاجتماعية و التآلف معها، و تركز على مراعاة الإمكانيات الاقتصادية المتاحة للفقراء في نفس الوقت الذي تطمح فيه إلى طابع جمالي معبر، و محاور بصرية عمرانية و معمارية هامة. موقفه من الأصالة و التراث لقد جسد حسن فتحي من خلال أعماله و كتاباته نظرة فلسفية خاصة تستمد قوتها من عمق و أصالة التراث الحضاري و المعماري العربي،و تمثل في تصاميمه التخطيطية النوى و التشكيلات التراثية التقليدية التي تزخر بها مدن مصر و ريفها، و قد جاء النسيج المعماري للقرى التي قام بوضع تصاميمها عبارة عن تكوينات و تشكيلات عمرانية متلاصقة تتسم بالبساطة و تعدد الكتل و تنساب بشكل عفوي لتلتقي عند الميادين و الساحات الصغيرة لتنطلق من هناك مجددا في اتجاهات تلقائية متشعبة. استمرار هذه الرؤية أيضا فقد وظف حسن فتحي العناصر و المفردات المعمارية التراثية الأساسية "الفناء الداخلي – القباب و القبوات – الإيوانات – الملاقف – المشربيات – المقرنصات" في جميع أعماله بعد مطابقتها لوظائف العمل المعماري المحدد و بيئة الموقع " صحراوي – ريفي – مدني " الجوانب البيئية و الإنسانية في عمارة حسن فتحي لقد اكتسبت الجوانب البيئية بإسقاطاتها المختلفة أهمية استثنائية في عمارة حسن فتحي، فقد جاءت أعماله منسجمة مع بيئتها و مناخها و متمثلة للدروس و العبر التي يوضحها تراثنا الحافل على هذا الصعيد. لقد آمن حسن فتحي بأن المبنى كالنبات يخرج من الأرض التي ينمو عليها. كما ناهض حسن فتحي الاستخدامات و الأساليب المعمارية التي لا تحترم طبيعة البيئة فهو ينتقد استخدام المساحات الزجاجية الواسعة و كاسرات الشمس في المناطق الحارة، كما يعتبر أن العمارات الشاهقة ليست إلا شتيمة للمارة. و لقد علم حسن فتحي أن العمارة ليست مجرد مأوى فحسب، بل هي تعبير حي عن وجدان الإنسان و تحقيق لرغبته في الانتماء و ميله الغريزي إلى التواصل الاجتماعي. و قد كان حسن فتحي يعيش مع الناس و يستطلع آرائهم، كما كان يدرس تقاليدهم و أعرافهم و يتحسس أحزانهم قبل أن يقدم على اتخاذ قراراته التصميمية. الرؤية الجمالية و الطابع العمراني عند حسن فتحي لقد اعتمد حسن فتحي على معايير جمالية خاصة استنبطها وفق رؤيته الذاتية من ملامح العمارة الشعبية و المحلية التقليدية، التي تختلف و تتنوع باختلاف الاقليم و البيئة المكانية. فقد عكست عمارته الطينية بساطة مادة البناء الأساسية و تواضع كتله و توازنها. بشكل عام اتسمت أعماله بالتلقائية و البساطة و البعد عن التكلف، كما اتسمت بسيطرة الخطوط الأفقية و انتقالها بليونة و تدرج. اعتمد حسن فتحي أيضا على القباب و القبوات و أبراج الحمام التقليدية المتناثرة بشكل عفوي لكسر الرتابة و إدخال التنويع و التشويق في تكويناته العمرانية و المعمارية. كما يتأكد الطابع الجمالي في عمارة حسن فتحي من خلال التأكيد على المحاور البصرية الهامة و الترابط البصري للتكوينات و التشكيلات المتجاورة، و الحوار البصري ما بين التكوينات و الخطوط المشكلة للواجهات المتقابلة. مواد البناء، أساليب الإنشاء و البناء التعاوني " البناء مع الشعب" سعى حسن فتحي إلى الوقوف على مواد الإنشاء الأكثر توافقا و التي تتناسب مع القدرات المادية للمجتمعات الفقيرة، و قد رأى من اللِبن المصنوع من الطين و القش المجفف بالشمس الأمل في إعادة بناء الريف المصري، الذي كان يعاني من أقسى أنواع الفاقة و الحرمان في الأربعينيات من هذا القرن. في دعوة صادقة إلى استخدام مادة البناء البسيطة و المتاحة هذه يقول حسن فتحي: "انظر تحت أقدامك و ابني"
أشهر أعمال حسن فتحي: قرية القرنة الجديدة قرية باريز الجديدة معهد الفنون و الحرف الشعبية في منطقة الهرم مسكن رياض فؤاد مسكن خاص بأبي صير في منطقة الهرم مسكن صدر الدين آغاخان في أسوان عام 1980 مسكن حسن رشاد في الأبيار بطنطا 1985 استراحة أندريوني بالفيوم عام 1984 مسجد دار الاسلام بنيومكسيكو
حسن فتحي... شيخ المعماريين العرب
-----------------------------------------------------------------------------------------------
============
============
============
============
القاهرة: محمد حسن شعبان
«عمارة الفقراء»، الحلم الذي كرس له حياته المعماري المصري الشهير حسن فتحي، ورسم من خلاله فرص الحياة لمحدودي الدخل والطبقات الفقيرة، والحق في أن يكون لهم بيت بسيط، تنهض مفرداته على عناصر البيئة الفطرية الطبيعية الموجودة في واقعهم.. هذا الحلم تحول مساره الاجتماعي والمعماري، وأصبح يراه الكثيرون مجرد تقليعة تلبي رغبة الأثرياء في قضاء ليالٍ صيفية وشتوية بطعم مصري أصيل
فعلى شاطئ البحر المتوسط، وفي المنتجعات الفاخرة، تحولت «عمارة الفقراء» لخطوط شكلية، ذات بريق نهم، فلا هي قليلة التكلفة ولا هي تلتفت لعناصر بيئتها
تعلق على ذلك الدكتورة سوزان مالكة أحد العقارات المبنية على طراز حسن فتحي بإحدى القرى السياحية، فتصف هذا التحول من وجهة نظرها بأنه «نزوع قيمي أخلاقي.. ربما يحمل قدرا من السذاجة». وتضيف: «القيم الجمالية ليست ملكا لأحد.. حتى إن لم تحقق الفكرة المعمارية قدرا مما كانت تطمح إليه، فيكفيها أن تلبي حاجتنا إلى جماليات خاصة بتراثنا.. وأعتقد أن أثرياء مصر يشاركون فقراءها هذا التراث»
المسحة المنطقية في كلام الدكتورة سوزان تكشف ضمنيا عن مدى اغتراب نموذج عمارة حسن فتحي عن البيئة المزروع فيها، أو المنزوع منها، وعلى العكس من ذلك تبدو إطلالة هذا النوع من المعمار على بحيرة قارون بقرية تونس في محافظة الفيوم أكثر جمالا، على الرغم من إحساس ما بالتنافر بينه وبين البيوت الإسمنتية التي يسكنها الفقراء هناك، كما يؤكد في الوقت نفسه افتقار أهل هذه البيوت للوعي بجماليات هذا النوع من المعمار ومدى انسجامه مع معطيات البيئة
يقول الدكتور المهندس جمال إسماعيل «إن حسن فتحي كان يبحث في الأصل عن معنى اجتماعي وجمالي يتحقق عبر عمارة يبنيها الفلاح المصري وتبنيه، فبالنسبة لحسن فتحي.. يستطيع رجل واحد ـ بالكاد ـ بناء بيته، لكن عشرة رجال سيكون بمقدورهم ببساطة بناء عشرة بيوت»
يضيف إسماعيل «سطو الأثرياء على الفكرة ليس وليد اليوم. صحيح أننا نراها الآن وقد غزت الكثير من المنتجعات الراقية على شواطئ مصر إلا أنها ومنذ اللحظة الأولى لميلادها تطورت في أحضان الأرستقراطية المصرية في ثلاثينات وأربعينات القرن العشرين»
كانت فيلا «دار السلام» المملوكة للسيدة ازابيل جارفيس هي تاسع مشروع ينجزه حسن فتحي، غير أنها كانت أول المشروعات التي حملت الطابع الذي سيلازمه فيما بعد. وفي العام نفسه شيد فتحي فيلا طاهر العمري بك التي حملت تحولا مثيرا في فلسفته باتجاه العمارة المحلية بعد سنوات من تأثره بالمعمار الغربي الذي ظل حتى عام 1938 يظهر من آن لآخر في أعماله. كان حسن فتحي القاهري الذي تشكلت علاقته بالريف عبر نافذة القطار، يفكر في إجابة عن سؤال بدا صعبا؛ كيف تمكن الفلاح المصري من بناء بيته الخاص، في حين عجز الإقطاعي، الذي يملك الأرض، عن تحمل كلفة بناء منزله؟ كانت الإجابة بسيطة؛ الأمر يتعلق بقدرة الفلاح على بناء بيته بنفسه، ومن الطوب اللبن الذي تجود به الأرض، الذي لا يتطلب تحضيره إلا أياما يقضيها تحت الشمس ليجف. إن مادة البناء هذه لم ترد ضمن برامج التعليم الحديثة، لذلك اعتبر اللجوء إليها ضربا من العبث أو الهزل
«واقع الريف المصري تغير كثيرا» هذا ما يؤكده المهندس محمد عبد الحميد، ويضيف «تظل أفكار حسن فتحي شديدة الرقي، لكنها مع الأسف مثالية أكثر من اللازم، ولا يمكن تحقيقها في الريف المصري، فلا الناس لديها الوعي بالقيمة الاجتماعية والجمالية التي يطرحها معمار حسن فتحي، ولا هو ملائم لضروريات التوسع الرأسي التي يفرضها الواقع الاقتصادي والجغرافي، ولا ننسى غياب الظهير العمراني الذي فرض اختيار حل من اثنين التوسع الرأسي أو تآكل الأراضي الزراعية». حين عرض حسن فتحي أفكاره عام 1937 عن البناء بالطوب اللبن بما يسمح بإنجاز عمارة رخيصة التكلفة تراعي القيم الجمالية وتحقق الرفاهية المفقودة في بيوت الفلاحين، كان أول من تلقف أفكاره هم أبناء الأرستقراطية العريقة. ومع بداية الأربعينات بدأ فتحي نقل أفكاره لحيز الواقع. لكن المشروعات توقفت حين أدرك أنه لم يطور أفكاره على نحو كامل. كان السقف هو جوهر الأزمة. كيف يمكن تشييد سقف دون دعامات، فوجودها ضروري، لكنها مع ذلك تعيد المشروع إلى حقل النقطة صفر، بقدر ما ترفع كلفة البناء.
لم يخرج المشروع من عثرته إلا حين تذكر حسن فتحي التقنيات التي شاهدها عام 1941 في زيارته لقرية أسوان. وعلى الرغم من كون القبو أحد أقدم وسائل التسقيف في العالم فإن أسراره ظلت حكرا على البنائين المحليين، وهو من الناحية الإنشائية يعد خداعا للجاذبية، إذ يعمل كوحدة واحدة تمرر الأحمال من هيكل السقف باتجاه الجدران التي تحمله. وقد استعان فتحي بمعماريي أسوان الذين تناقلوا أسرار بناء الأقبية بلا دعامات جيلا بعد جيل وحققوا نجاحا مبهرا
«ليس صحيحا أن أفكار حسن فتحي المعمارية مثالية ولا يمكن تطبيقها» هكذا يعلق المهندس جمال إسماعيل الذي يضيف «هناك تغير طرأ على القرية المصرية لا يمكن إنكاره، لكن هذا لا يعني أن أفكاره لم تعد صالحة، بل على العكس، نحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى أن نستعين بأساليب حسن فتحي، وهو أمر لن يتحقق إلا إذا دعمته الدولة، ولنتذكر حين دعمت الدولة أفكاره سابقا في مشروع (القرنة) كنا قاب قوسين أو أدنى من تحقيق هذا الحلم، على الرغم من فشل المشروع، لكن هذه قصة أخرى»
بدأت القرنة تظهر في كتب المؤرخين منذ نهايات القرن الثامن بوصفها قرية صغيرة تقع في أحضان الجبل المطل على وادي الملوك. كانت المساحة المزروعة لا تكفي لسد حاجة أهلها الذين لم ينتظروا خير الأرض بل ذهبوا للبحث عنه في مقابر أجدادهم. وحين بدأت القرنة تشكل أزمة حقيقية للأثريين المصريين كان عدد ساكنيها قد راوح السبعة آلاف نسمة، وكانت العقبة الأساسية هي من أين يمكن تدبير تمويل يكفى لدفع التعويضات اللازمة لهؤلاء الفلاحين بالإضافة إلي إعادة تسكينهم
خلال تلك الفترة كان عثمان رستم مدير قسم الهندسة والحفريات على علم بإنجازات حسن فتحي في بناء عمارة قليلة التكلفة، فعرض الأمر على الأب درايتون المدير العام لمصلحة الآثار حينها، الذي سبق أن سمع الاقتراح نفسه من مسيو ستوبلير مدير قسم الترميم بالمصلحة.
البيروقراطية العتيدة وطبيعة أهل القرنة حالوا دون نجاح المشروع. هذا ما يؤكده الدكتور جمال إسماعيل ويضيف «لاحقا.. حين عاد حسن فتحي بأفكار أكثر اكتمالا من أثينا دعمت الدولة مشروعه في واحة الخارجة حيث وضع تصورا متكاملا لقرية باريس الجديدة استخدم فيها تقنيات (ملاقف) الهواء التي تجعل درجة حرارة البيت 15 درجة مئوية في واحة الشمس»
يكمل إسماعيل حديثه.. «لو أن الدولة استثمرت أفكار حسن فتحي المعمارية، وأفكار رشدي سعيد الحضارية عن وادٍ موازٍ لوادي النيل لأمكن تحقيق إنجاز حضاري حقيقي»
ويخلص المهندس محمد عبد الحميد بتساؤل يبدو منطقيا: «لو لم يستفد أحد بإنجازات حسن فتحي فما الضرر من أن يستفيد منها الأثرياء في بناء فيللهم»
ويضيف: «أشعر براحة غير عادية في بيت على طراز حسن فتحي.. لو أحببت سمها فيلا، هذا تراث مصري أصيل وليس ملكا لأحد». وتختتم الدكتورة سوزان كلامها الذي يؤكده الروائي المصري جمال الغيطاني في مقدمته لكتاب حسن فتحي «عمارة الفقراء»: «أصبح فكر سيد البنائين المصريين حسن فتحي ملكا للإنسانية كلها، أفكاره المعمارية تتجسد في مصر وأميركا وأوروبا وآسيا.. إنها ليست مجرد أفكار هندسية.. ولكنها بحث أصيل ودؤوب في الشخصية والهوية والتراث المعماري والفكري والحضاري للشرق»
-----------------------------------------------------------------------------
Listening الاستماع
نشاط استماع عن شيخ المعماريين
بالفصحى
----------------------------------------------------------------------
============
بعامية المثقفين
-------------------------------------------------------------------------
استماع من أصوات عربية
http://www.laits.utexas.edu/aswaat/video_s.php#/2/hasan_fathy/
No comments:
Post a Comment